• ×
الأحد 5 مايو 2024

لافروف الثعلب

لافروف الثعلب
بواسطة admin 10-02-2013 10:21 صباحاً 1.6K زيارات
 لافروف الثعلب ... سيد «اللاءات» الشرير لدى العرب


مدخّن شره، مولع بالصيد والرياضات الخطرة. ديبلوماسي محترف قادر على إغراق مفاوضه بالتفاصيل، وإدخاله في دهاليز طويلة، يبدأ بعدها في تسجيل النقاط واحدة تلو أخرى، بينما يبقى إلى نهاية الشوط محافظاً على هدوء بارد، لا يظهر على وجهه المتجهم دوماً أي انفعال.

سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي الذي رشحه بعضهم أخيراً ليكون شخصية العام، بعدما غدا صاحب «مبادرة حقن الدماء وتجنيب سورية والشرق الأوسط أخطار المنزلق العسكري الجديد»، كما يحلو للصحافة الروسية أن تسميه.

حصل رئيس الديبلوماسية الروسية على عدد من الألقاب خلال مسيرته التي بدأت متواضعة، عندما كان ملحقاً بسيطاً في سفارة بلاده في سيريلانكا، لكنه ما لبث أن حفر اسمه بقوة في عالم الديبلوماسية أثناء عمله رئيساً لبعثة روسيا لدى الأمم المتحدة. هناك خاض أولى معاركه القوية، ولكن ليس لوقف حرب أو لحماية القانون الدولي، بل لإجبار الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان على التراجع عن قرار بحظر التدخين داخل مبنى الجمعية العامة! وعلى رغم أن معركته كانت في النتيجة خاسرة، فهو نجح في حشد «تحالفٍ» من المدخنين، معتبراً أن أنان ليس «صاحب المكان وهو مجرد موظف هنا».

وطبعت السنوات العشر التي قضاها «ثعلب السياسة الروسية» في المنظمة الدولية مسيرته الديبلوماسية بقوة، فهو منذ عُيِّن في عام 1994 حتى استدعاه الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2004 ليغدو وزيراً للخارجية، تمكن من الإلمام بقوة بتفاصيل القانون الدولي وثغراته، وكواليس مناقشات مجلس الأمن القضايا الحيوية، ما منحه قدرة على المناورة لاستغلال كل ثغرة والعبور منها إلى تسجيل نقطة لمصلحته، وحوّله «داهيةً وسياسياً محترفاً» كما وصفه يوماً ديبلوماسي غربي.

في تلك الفترة، وعلى رغم أن صوت روسيا لم يكن مسموعاً كثيراً، لعب لافروف أدواراً أُضيفت إلى سجله في ملفات ساخنة مثل يوغوسلافيا والشرق الأوسط وقبرص وشبه جزيرة كوريا، وملف مكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة عام 2001، وما تبعها من حروب في أفغانستان والعراق.

لكن لافروف لم يكن في واجهة صنع القرار السياسي الروسي، كما برز في الأزمة السورية التي تحولت إلى صاروخ رفع الوزير إلى النجومية التي يختلف في شأنها كثيرون. فهي بالنسبة إلى الروس «نجومية محمودة لأنه أعاد لروسيا أمجادها في المحافل الدولية»، وبالنسبة إلى كثيرين من العرب هي نجومية «البطل الشرير الذي يدافع عن طاغية». أما الغرب فخلع على الرجل لقباً جديداً لم يكن لافروف يتوقعه قبل أن تهب رياح التغيير في المنطقة العربية، فهو غدا بامتياز «مستر نو» في نسخته الجديدة، معيداً بذلك «أمجاد» الوزير السوفياتي أندريه غروميكو الذي التصق به اللقب طويلاً لكثرة «لاءاته» في مجلس الأمن.

إتقان صياد السمك ذي الأصول الأرمنية لعبة صيد المواقف في أروقة السياسة الغربية، حوّل لافروف رأس حربة مهماً في فريق بوتين الحالم باستعادة أمجاد القياصرة. فظل من أبرز رجالاته في السياسة الخارجية، على رغم أنه لا يصنع السياسات بل ينفذها بدقة بالغة. فالدستور الروسي حصر صناعة السياسة الخارجية بمطبخ الكرملين، وحوّل وزارة الخارجية إلى مؤسسة موظفين تنفيذيين، وعلى رغم ذلك برز الوزير خلافاً لنظرائه السابقين بصفته «جزءاً أساسياً من هذا المطبخ».

ولذلك تحديداً ارتبطت مبادرة «الكيماوي» السوري، باسم لافروف على رغم مؤشرات إلى أن مطبخ الكرملين كان المبادر لإطلاقها، ومنحها للوزير الذي أدارها بإتقان.

ويبدو أن لافروف اكتسب صفة المثابرة والعناد من أصوله القوقازية، والقدرة على المناورة وخلط الأوراق إذا شعر بأنه سيخسر الجولة، كما قال عنه محلل روسي. ويعتمد «مستر نو» الجديد على لسان لاذع لتعزيز موقفه إذا أعيته الحجة، وأغضَبَ أكثر من مرة نظيرته الأميركية سابقاً كوندوليزا رايس، وأفادت تقارير صحافية بأنه فقد برودَه مرة، ووجه شتائم إلى نظيره البريطاني ديفيد ميليباند أثناء الحرب الروسية الجورجية صيف 2008.

الوزير «الثعلب» بارع في التهرب من الصحافيين، ولا يتردد في توجيه عبارات جارحة أحياناً إذا وجد نفسه محرَجاً، مثلما فعل ضد مراسل «بي بي سي» في موسكو أثناء الأزمة مع جورجيا. ويبدو الأمر أحياناً مضحكاً، فلافروف تعمّد أكثر من مرة استخدام تعابير درجت عليها السلطات السورية في وصف «القنوات المغرضة»، وخاطب يوماً مراسل قناة عربية، وجّه إليه سؤالاً مُحرِجاً بعبارة: «يبدو أنك مخلص لأجندة محطتك».