• ×
الأربعاء 15 مايو 2024

سيناريو التجاوزات الأمنية لا يفرق بين الشرق والغرب

سقوط أول قتيل في أحداث الشغب بلندن

سقوط أول قتيل في أحداث الشغب بلندن
بواسطة admin 08-09-2011 10:36 مساءً 925 زيارات
 يبدو أن قصص خالد سعيد شهيد التعذيب فى الاسكندرية ومحمد بوعزيزى فى سيدى بوزيد بتونس، قد تتكرر فى بريطانيا. حيث أصبحت التجاوزات الأمنية هي القاسم المشترك بين الأحداث التي تشهدها مناطق عديدة في العالم، وربما يكون لها النصيب الأكبر من أسباب التغيير الذي سيشكل من جديد الخريطة السياسية في تلك البلاد، وفقا لمعطيات فرضتها إرادة الدول سواء كانت شرقية أم غربية.
التجاوزات الأمنية ليست مقصورة على دول العالم الثالث. ففي بريطانيا بعد أن أطلقت الشرطة النار على شاب وقتلته يوم الخميس الماضي اندلعت أعمال العنف في مدن بريطانية واحتشدت الجماهير العريضة أمام محطة الشرطة في شارع "هاي ستريت" يطالبون بـ "العدالة" بعد قتل الشرطة للشاب الذي يدعى "مارك دوغان" وكان يبلغ من العمر 29 عاما، وهو أب لأربعة أطفال.
الأحداث العنيفة دعت رئيس الوزراء "ديفيد كاميرون "إلي قطع إجازته السنوية في إيطاليا ليترأس اجتماعا للجنة الطوارئ الحكومية "كوبرا"، من اجل احتواء الموقف والوصول الي صيغة تفاهمية يمكن من خلالها ارضاء الغاضبين وتهدئة الأوضاع.
وقد أعلن نائب عمدة لندن اعتقال 450 شخصا على الأقل على خلفية أعمال العنف. وأكد إصابة نحو 44 من رجال الشرطة في المواجهات. وقامت السلطات بنشر 1700 شرطي إضافي لمواجهة أعمال الشغب ومحاولة وقف عمليات النهب بينما استمرت حملات الاعتقال.
في تطور يعكس خطورة الأوضاع الأمنية، قررت الشرطة البريطانية استدعاء 13 ألف شرطي للانتشار في شوارع لندن خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، وأعلنت الشرطة إلغاء الإجازات واستدعاء أفرادها من إجازاتهم.
اعتبرت الحكومة البريطانية -التي دعيت إلى اجتماع استثنائي لغرفة الطوارئ لبحث الأزمة- أن كل الخيارات مطروحة بما فيها استدعاء الجيش البريطاني للمساعدة في ضبط الإنفلات الأمني الذي أدى إلى إغلاق كل محطات مترو الأنفاق لمواجهة الأحداث التي حولت شوارع لندن إلى ساحة للحرب بين الشرطة والمحتجين
يبدو أن الأحداث في لندن تتطور بشكل سريع والحكومة بكل مؤسساتها لاتستطيع السيطرة علي الوضع حتي أن الحكومة قررت إلغاء الأجازة الصيفية السنوية لمجلس العموم البريطاني ودعوته للانعقاد خلال 48 ساعة لبحث كل السبل والوسائل لاحتواء الموقف.
أحداث الشغب ألقت بظلالها علي نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية وحتي الرياضية، فنتيجة لتلك الاضطرابات وعدم القدرة علي السيطرة عليها وارتفاع سقف التوقعات بشأن ما يمكن أن تصل اليه الأمور قرر الاتحاد الانجليزي لكرة القدم إلغاء المباراة الودية بين منتخبي انجلترا وهولندا التي كانت مقررة الأربعاء على ملعب ويمبلي، بسبب أعمال العنف في العاصمة لندن وجاء في بيان الاتحاد: "بكل أسف لقد ألغيت مباراة انجلترا وهولندا الودية التي كانت مقررة غدا على ملعب ويمبلي
أحداث العنف في لندن أصبحت ساحة للمزايدات السياسية تستخدمها بعض الدول لتسجيل مواقف معينة وتوظيفها بشكل يخدم قضاياها مع المؤسسات الدولية. وظهر ذلك واضحا في موقف إيران الذي يعتبر أول رد فعل دولي تجاه ما يحدث في لندن فقد دعا نائب بارز في البرلمان الإيراني الحكومة البريطانية إلى التوقف عما أسماه "استخدام وسائل عنف ضد المحتجين" في البلاد وقال إن لندن يجب أن " تحترم حقوق الشعب البريطاني".
وأضاف: " يجب أن يستعد النظام البريطاني لمواجهة أيام أكثر قسوة"، وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية "رامين مهامانبرست" دعا الشرطة البريطانية في وقت سابق إلى ضبط النفس في التصدي ومواجهه المتظاهرين في توتنهام شمالي لندن. وهو نفس الموقف الذي كانت لندن قد اتخذته عندما اندلعت مواجهات بين الشرطة ومحتجين في إيران علي خلفية الاعتراض علي نتائج الانتخابات الايرانية التي فاز فيها أحمدي نجاد .
لم تكن هذه المرة الأولي التي تشهد فيها أوروبا مثل هذه الأحداث الدامية التي إندلعت نتيجة لتجاوزات المؤسسة الأمنية فقد شهدت اليونان تظاهرات حاشدة منذ بضع سنين بعد مقتل فتى بنيران الشرطة في حي "إكزارشيا" في قلب المدينة ,و صاحب المظاهرات أعمال شغب بحرق عشرات السيارات و إشعال النيران في عدد من واجهات البنوك كما امتدت أعمال الشغب إلى مدن أخرى مثل سالونيك و باتراس وقد استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات الشبان الذين بدأوا بإلقاء الحجارة بعد سماعهم نبأمقتل رفيقهم.
التجاوزات الأمنية أيضا هي سبب الاحتقان بين الشعوب والأنظمة وهي تعكس إفلاس النظام السياسي بعد أن تفوح رائحة فشله وعجزه عن إيجاد حلول شرعية ترتضيها كل القوي السياسية وتكون النتيجة ..انتفاضة الملايين من أجل الثورة علي الظلم ومحاولة الحصول علي الحقوق بالقوة دون مراعاة لأي إعتبارات أخري ولعل الحالة المصرية والتونسية وما يحدث في لندن وما حدث في اليونان أكبر دليل علي هذا.. فهل تستوعب الأنظمة السياسية خطورة هذا الملف وتعيد طريقة التعامل معه؟